يسعدنا تواجدكم ونتمنا لكم قظاء اجمل الاوقات

قائمه المواضيع

اشياء غريبه عن العباقره

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010 , Posted by غـــيــر حــيــاتك at 8:11 ص






* بقلم: كارولين جرين/ ترجمة: رؤوف وصفي
هل تقترن العبقرية الحقة بالعقل السوي؟ كارولين جرين تميط اللثام عن الحيوانات المعذبة التي عاشها بعض من أعظم مفكري وفناني العالم. وطبقاً لما قاله الكاتب الفرنسي الشهير مارسيل بروست فإن: "كلّ الأشياء العظيمة تولد من أشخاص عصابيين". وكان هذا الرجل في موقف يسمح له بأن يدرك هذا الأمر. فقد كان بالغ الحسّاسية للضوضاء لدرجة أنّه بطّن جدران منزله بالفلين، وعندما بدأ يصنف آخر كتبه، مرض ولزم فراشه لمدة خمسة عشر عاما.
وقد توطدت فكرة إرتباط العبقرية بالجنون، منذ زمن الإغريق القدماء، وعلى حد قول الأستاذ الجامعي جوردن كلاريدج من قسم علم النفس التجريبي في جامعة أكسفورد: "ثمّة كتابات كثيرة توحي بوجود علاقة ما، فعندما يصل الأشخاص إلى مستويات عالية من الإبداع، فالأغلب أنّهم يفكرون بطرق غير عادية، يمكن أن تتشابه مع تلك التي يفكر بها الأشخاص المصابون بأمراض عقلية، ويمكنك القول إنّ هناك تشابهاً في الأسلوب المعرفي".
وتوصلت الأبحاث التي أجرتها كيي جاميسون أستاذ الطب العقلي بجامعة جونز هوبكنز في بوسطن، إلى أنّ الإضطراب القطباني (Bipolar Disorder)، وهي حالة تتميّز بتأرجح المزاج بين الإكتئاب والإبتهاج الهوسي، وحالتها المعتدلة المسماة "المزاج الدوري" (Cyclothymia) أكثر شيوعاً بشكل واضح بين الكتّاب والفنانين أكثر من الأناس العاديين.
ويمتد مجال الفنانين والموسيقيين المشهورين الذين ينطبق عليهم هذا الوصف من الفنان "مايكل آنجلو" إلى كورت كوبان المغني الرئيسي السابق لفرقة "نيرفانا" الموسيقية. كذلك يبدو أنّ الألمعية في العلم تتوافر أحياناً مقابل ثمن باهظ يتم دفعه، ولعل أشهر الأمثلة هنا عالم الرياضيات جون ناش، فقد عانى هذا الرجل من "الفُصام" schizophrenia، وهو إضطراب نفسي وعقلي يتميّز عادة بالإنسحاب من الواقع والتفكير بطرق مناقضة للمنطق وتوهمات وهلوسات.
- هل كان أينشتاين مصاباً بالتوحد؟
ويمكن أن يصاحب هذا الإهتمام المرضي بالنفس أيضاً، درجات متباينة من الإضطرابات الإنفعالية والسلوكية أو العقلية الأخرى. وكانت معركة جون ناش المثيرة مع مرضه بالفصام موضوع الفيلم "عقل نابغ" A Beautiful Mind. ويقول كلاريدج: "إنّ نفس معايير التشخيص التي تنطبق على المرضى الأحياء، يمكن بالتأكيد إستخدامها لتحديد الصحة العقلية للأشخاص الذين أصبحوا في عداد الموتى، طالما توفرت المعلومات الكافية عنهم عندما كانوا على قيد الحياة. فعلى سبيل المثال، هناك الآن تصور بأنّ الآفات المخية التي كان يعاني منها الفيلسوف فريدريك نيتشه نتيجة إصابته بمرض الزهري، لعلها كانت السبب الفعلي في الإنجازات المذهلة التي حققها".
- جون ناش (عالم الرياضيات المبدع):
خلده راسل كرو في فيلمه الذي فاز بجائزة الأوسكار عن حياة هذا العالم، الذي أحدث وقعاً مدوياً في الدوائر العلمية، وهو لا يزال شاباً غضاً في الواحد والعشرين من عمره، عندما طرح رؤيته الإبداعية عن "نظرية الألعاب Game Theory"، والمعروفة باسم "توازن ناش"، والتي تحدد الإستراتيجية المثلى لكل لاعب في المباراة.
وعقب ذلك حقق العديد من الإنجازات في مجال الرياضيات، ولكن في العام 1958، عندما كان في الثلاثين من عمره، أصيب "ناش" بالفُصام الهذائي (Paranoid Schrizophenia) وفقد وظيفته بمعهد "مساشوستس" للتقنية، ذي المكانة العلمية الرفيعة، بعد عام من هذا التاريخ. وقد قضى ناش الجزء الأكبر من العشرين عاما التالية، وهو شبه مشلول بتأثير المرض، ثمّ عاد في نهاية الأمر إلى جامعة برنستون في السبعينيات من القرن العشرين، وتقاسم الفوز بجائزة نوبل في العام 1994 في الرياضيات، وقال إنّ مرضه هذا أتاح له أن يفكر على مستوى يتجاوز المنطق، وأنّه لو كان قد عولج منه لما أمكنه أن يبدع عملاً خلاقاً، ثمّ فضل أن يتعايش مع مرضه. وعلى الرغم من وجود قدر كبير من حرِّية التصرف الفني في فيلم "عقل نابغ"، إلا أنّ الكثيرين من خبراء الصحة العقلية والنفسية، أثنوا عليه لأنّه في واقع الأمر قد ألقى بعض الضوء على مرض الفصام الذي يخطئ الكثيرون فهمه.
- ألبرت أينشتاين (1879-1955):
فيزيائي ومبدع نظرية النسبية
قال ألبرت أينشتاين، أحد أعظم المفكرين في جميع العصور: "عندما يتعلق الأمر بالعلاقات الحميمة، فإنّني قد فشلت مرتين بشكل مخز. إنّ الزيجات خطرة"، ولم يكن قد تجاوز الواحد والعشرين من عمره، عندما وضعت عشيقته مليفا ماريك طفلة، غير أن أينشتاين كان متحجر القلب في رغبته لإبقاء ذلك الأمر سراً بينهما، لأنّه لم يشأ أن يفصل من وظيفته في مكتب براءات الإختراع السويسري، ولم يسمح لمليفا أن تشاهد في البلدة نفسها، وتمكن من العثور على والدين بالتبني لتربية طفلته ليزرل. وفي نهاية الأمر، تزوج أينشتاين بمليفا، ورزق منها بابنين آخرين، ولكن في منتصف العشرينيات من عمره، لم يكن يعير أسرته إهتماماً كافياً أثناء صياغته لنظرية النسبية، وعلى حد قوله "عندما يستغرق الإنسان في التفكير الجاد ليلاً ونهاراً، فإنّه لا يستطيع أن ينشغل بسهولة بالثرثرة عن الحب"، وأصبح ذلك رأيه طوال حياته. وفي العام 1919 طلق مليفا ثمّ تزوج ابنة عمه إليزا وإبان ذلك الوقت أوصله عمله المتواصل إلى ما يشبه الإنهيار العصبي Nervous collapse وقامت إليزا برعايته حتى استرد صحته، وعلى الرغم من هذا، فقد تركها بعد فترة، وإرتبط بامرأة أكثر شباباً منها.
- فنانون معذبون:
نفوس مبرحة نبغت خارج مجال العلم
فنسنت فان جوخ (1853-1890)
إننا نعرف شيئاً عن حالات القلق الشخصية التي عانى منها فان جوخ من مجموعة تزيد على سبعمائة خطاب كتبها إلى شقيقه الأصغر ثيو، وحتى العام 1888 لم يكن هناك سوى إشارات قليلة على إصابته بمرضى عقلي. وعندما تشاجر فنسنت مع صديقه ورفيقه الرسام بول جوجان، حاول أن يهاجمه بشفرة حلاقة. وبعد ذلك، مارس عملية تشويه لنفسه، فقطع أذنه اليسرى، ثمّ لفها في صحيفة وحملها إلى إحدى فتيات الهوى التي كان على علاقة بها في ذلك الوقت، ثمّ بدأ يعاني من نوبات اضطرارات عقلية متكررة الحدوث، وفي 27 يوليو 1890 انتحر بأنّ أطلق النار على صدره، ويعتقد الآن ان فنسنت فان جوخ كان يعاني من مرض الإضطراب القطباني.
- مايكل آنجلو (1475-1564):
على الرغم من أن مايكل آنجلو كان فناناً عظيماً، إلا أنّه كان رجلاً صعب المراس. وكان من الصعب عليه تكوين علاقات مع الآخرين، وكثيراً ما كان ينصرف أثناء حديثه مع أي إنسان، وكان يستغرق في عمله إلى الحد الذي كان ينام وهو مرتدٍ ملابسه ولم يكن يغتسل إلا نادرا.
وفي مقاله بمجلة Journal of Medical Biography، قال محمد أرشد طبيب الأمراض النفسية في إتحاد شركات Five Boroughs Partnership: "إنّ عمل مايكل آنجلو الذي يجري على وتيرة واحدة ويعتمد فيه على نفسه ويستقطب قواه كلها، بالإضافة إلى أسلوب حياته غير العادي، وقدراته الإجتماعية والتواصلية المتواضعة، هي سمات التوحد الوظيفي الشديد".
- فرجينيا وولف (1882-1941):
حدث أول انهيار عقلي للكاتبة فرجينيا وولف عندما كانت في الثالثة عشرة من عمرها، عقب موت والدتها. وقبل نهاية العام 1912، تعرضت لنوبتين أخريين، بما فيهما حالة محاولة إنتحار، وفي 28 مارس 1941 ملأت جيوبها بالحجارة وغرقت في نهر "أوز".
وكتبت في مذكرة إنتحارها: "إنني على يقين بأنني سوف أصاب بالجنون من جديد، وأشعر بأنني لن أتمكن من تحمل آلام تلك الأوقات المروعة مرّة أخرى. ولن أنجو هذه المرة. لقد بدأت أسمع أصواتاً وأصبحت لا أستطيع التركيز، ومن ثمّ فسوف أفعل ما يبدو أنّه أفضل شيء ممكن"، ويعتقد أن فرجينيا وولف كانت مصابة بمرض الإضطراب القطباني.
والمعتقد أنّ الموسيقار لودفيج فون بيتهوفن، والرسام فنسنت فان جوخ والعالم الشهير ألبرت أينشتاين والفيلسوف سقراط، والكاتبة جين أوستن، كانوا يعانون كلهم من نوع من مرض التوحد المعروف باسم "متلازمة أسبرج".
ويزعم النقاد أن إرجاع عبقرية هؤلاء النابغين إلى سوء صحتهم العقلية، ينحرف كثيراً عن الحقيقة ويقلل من إنجازاتهم.
ولكن كلاريدج يشعر بقدرته على التأكيد بقوة، بأنّ ذلك غير صحيح، وعلى حد قوله: "على العكس فإنّه يعطي نوعاً من الأمل للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالات الصحية، فعلى سبيل المثال يمكن للناس أن ينبذوا المصاب بالفصام، وكأنّه شخص معاق، وعلى الرغم من أن طريقة تفكيرهم قد تكون بالغة التشعب، فإنّها ربّما تكون جزءاً من المرض العقلي، إلا أنّها في الوقت نفسه قد تكون خلاقة إلى حد بعيد".
وفضلاً عن مثل تلك المشاكل المرضية، يبدو أن ثمة إرتباطاً وثيقاً بين العباقرة والعلاقات التعسة والمختلة، بل إن أحد الباحثين ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وزعم أنّ الزواج في واقع الأمر يعيق تحقيق الإنجازات. ويعتقد ساتوشي كانازاوا عالم النفس في كلية لندن للإقتصاد أن كل ذلك يرجع إلى علم النفس التطوري.
وقد وجد أن أكثر الإنجازات العلمية قام بها الشباب، وأنّ الباحث الذي يتوصل إلى إكتشاف علمي، وقد تعدى مرحلة الشباب يكون عادة غير متزوج، مؤكداً أنّ الزواج، الذي ربّما يكون مؤثراً للغاية في هدوء بال العقول المجهدة، إلا أنّه يشكل في حقيقة الأمر عنصراً كابحاً لإبداعات المرء.
- أحلام الحمقى:
ترى هل هذا يعني أنّ إقتران العبقرية بالمرض العقلي هو مجرّد تفكير تواق لدى بعضنا من الحمقى في أن يتحقق؟ وكما قال الشاعر عزرا باوند: "إنّ تصور أنّ العبقرية صنو الجنون، قد تم غرسه بعناية من قبل كل مَن يعاني من عقدة النقص"، والواقع أنّه أياً كانت طريقتك في النظر إلى هذا الموضوع، فلا يمكنك إنكار أن بعضا من أعظم المفكرين والمبدعين من ذوي الشأن، عبر التاريخ كله، سواء في المجالات الفنية أو العلمية، عاشوا أسوأ حياة بائسة ومضطربة يمكن أن تخطر على البال.

التعليقات 0 اكتب تعليقك على الموضوع: